الأربعاء، 30 مايو 2012

الإسلاميون والحكم


لا يستطيع المتابع للمشهد السياسي في الوطن العربي تجاوز تعاطف الشعوب العربية مع التيارات الإسلامية، التي برزت من بينها جماعة الإخوان المسلمين بوصفها التيار الأوسع انتشارا والأقدر على المناورة السياسية. هذا على الرغم من التمايز الذي بدأ يصل إلى حد المواجهة بين  التيارات والأحزاب السياسية القومية واليسارية والليبرالية من جهة والتيارات الإسلامية من جهة أخرى.
لقد برز هذا الاختلاف على السطح وعلى هذه الدرجة من الوضوح بعد الربيع العربي الذي هيأ لكل تيار أن يأخذ مكانا في السلطة، حيث لم تعد التحالفات بين اليمين واليسار أمام أنظمة ما قبل الربيع العربي مسوغة في المرحلة الجديدة بقدر ما كانت عليه في المرحلة السابقة بحكم تمثيل هذه التيارات إيديولوجيات مختلفة عن إيديولوجيا التيارات الإسلامية، حيث لن يتوقف الخلاف بين اليمين واليسار في هذه المرحلة على نهج المعارضة بل صار الخلاف على نهج حكم.
برز هذا الخلاف في هذه المرحلة بصورة واضحة في الانتخابات المصرية حيث انتهت المنافسة إلى خيارين لا ثالث لهما؛ خيار النظام السابق في مصر ممثلا بأحمد شفيق، وخيار الإخوان المسلمين. مما جعل الكثيرين من ممثلي التيارات اليسارية والمنادين بحريات التعبير ينصرفون عن كلا الخيارين بصورة قاطعة.
قاد التخوف من نهج حكم الإسلاميين إلى قيام حملة عفوية أحيانا ومخطط لها في أحيان أخرى قوامها التخويف من حكم الإسلاميين في المرحلة المقبلة، مما جعل الكثيرين يتجهون إلى أحمد شفيق من منطلق "أهون المرين" على ما يرون.
ما ينبغي الإشارة له في هذا السياق أن الإسلاميين لم يجربوا في الحكم لحد الآن، فضلا عن أنهم لم يصلوا إلى الحكم فيما لو وصلوا من خلال انقلاب عسكري، بل مثلوا بطبيعة الحال اختيار أغلبية الشعب، مما يجعل وصولهم إلى الحكم أكثر شرعية من التيارات التي لم تستطع أن تمكن لها في الأوساط الشعبية.
هذا لا يعني أن يأخذ الإسلاميون شرعية مطلقة، ولا يعني أن يتجه أصحاب الإيديولوجيات الأخرى إليهم بوصفهم الحل الأمثل للقيادة، بل إن قيادتهم تضعهم أمام اختبار صعب ليس أمام أتباعهم فقط، بل أمام التيارات الأخرى التي تمتلك حق المشاركة الفعلية في مؤسسات الدولة، حيث لا تتوقف هذه المشاركة على المكتسبات المتعلقة بالمناصب بل تتعدى ذلك إلى طريقة الحكم، فإن تمكن الإسلاميون من إعطاء ضمانات في هذا المجال فلا شك في أنهم سيكونون الأقرب إلى روح الثورة من أحمد شفيق. وتبقى التجربة أكبر برهان من أجل مراحل قادمة مقبلة قد يتقدم الإسلاميون فيها وقد تتراجع شعبيتهم.